الى كل معلم ومعلمة

حقيقة ان اجمل ايام قضيتها في عملي كانت وانا معلمة في غرفة الصف ، حيث البنات بالنسبة لي بناتي ، واستشعر في لحظتها انني في محراب العلم ودوما اسائل نفسي ، هل املك من القدرة والامانه والطاقة لان اقوم بهذه المهمة العظيمه حيث من المعلوم لنا جميعا ان الله بعث نبية الكريم محمدا صلى الله عليه واله وسلم معلما ورسولا وهاديا الى الحق ، اذن فالمعلم وظيفته كالرسول ابلاغ الرساله وانارة ظلام الجهل بنور العلم ، وكنت اناظر في الافق ابنائي وهم يكبرون في البيت وادعو الله تعالى ان يجازيني فيهم وان يسخر لهم معلمين اكفاء يخافون الله في اداء الامانة .
ولا زلت افتقد التدريس ولا زلت افخر انني معلمة بالرغم من ابتعادي عن المجال .
وانا اؤمن ان مهمة المعلم اشرف مهنة ، فكم منا لا يذكر معلم متميز له اجاد في عمله ولا زلت اذكر معلمة لي اسمها استاذه رضا الزعفراني درستني رياضيات في الصف الثالث الاعدادي وهي من بث في حب الرياضيات ، وبالرغم من ان هذه الانسانه احلم ان اراها مرة اخرى واشكرها انها كانت تقضي جل وقتها وهي اما تصحح دفاترنا او تستذكر مادتها ، ولا اتذكر انني رايتها مثل باقي زميلاتها تدردش او تتمشى في المدرسه ، كانت جاده بصورة كبيرة ، دفعتني دفعا ان اجلها واضعها في موقع القدوة .
وعندما عينت في مدرستي الاولى ، صادفتني معلمتي القديرة فاطمة عبدالقادر ، وهذا مما صعب علي العمل فيها ، فانا لا استطيع ان ارفع عيني فيها عندما اكلمها احتراما لها ، وهي شخصية فذه انهكها المرض ، ولكني عبر مر السنين كلما التقيتها لا اجدني الا احتضنها احتضان الابنه لوالدتها ، واتذكر ايام درستني وكانت تحبني وتحترمني وانا بالمثل ، وتدمع عيني عندما تخبرني انها مريضه لانني كنت ولا زلت اراها كالجبل العاتي لا تهده الرياح .
افرح عندما الاقي طالباتي في اي مكان وافخر بهم عندما اجدهم في جميع المواقع واسعد جدا بملاقاتهم وسلامهم علي وازعل من نفسي عندما تخونني الذاكرة او ارى احداهن وهي تتعمد ان لا اراها واكون قد لمحتها ، ما اثار هذه الذكريات قصه وردتني عبر الايميل ولكنها هزت مشاعر كثيره ومحتواها كالاتي كما وردني :

حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي، يدعى تيدي ستودارد.

لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علامات x بخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق.

وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون، كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما!!

لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق".

وكتب عنه معلمه في الصف الثاني: "تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب".

أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات".

بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: "تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس".

وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق، ما عدا تيدي. فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط.. ولكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها.

ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي! !

وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة!، ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة، والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة "معلمة فصل"، وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت استجابته أسرع، وبنهاية السنة الدراسية، أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلاميذ المدللين عندها.

وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي، يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة قابلها في حياته".

مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله، وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.

وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه: "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن".

وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور إف. ستودارد!!

لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك"، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد!!

واحتضن كل منهما الآخر، وهمس (دكتور ستودارد) في أذن السيدة تومسون قائلاً لها، أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.

فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها: أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.

(تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية)

وواثقه ان جميعنا يتمنى ان يكون مثل هذه المعلمة .

هناك 3 تعليقات:

أمواج صامته يقول...

يالله قصه رائعه والله دمعت عيني وأنا اقرأها
فعلا بعض المعلمات لهن ذكرى لاتنسى
اذكر معلمه اللغه العربيه كانت تهتم بي وتقول لي اذا اكملت دراستك ستكونين ناحجه جدا ولكن للاسف لم يتسنى لي ان ادخل الجامعه
مدونتك لطيفه جدا
لك كل الود

Nazek يقول...

اشكرك جدا على لطف مرورك
اعتقد ان الانسان دوما يذكر من يلامس قلبه وينظر الى روحه ويحبه لذاته ويبعث الامل في نفسه
وان شاء الله يكثر وجودهم
وان شاء الله يستوعب المعلم والمعلمه ان موقعهم مؤثر لانهم يشيدون في ارواحنا قصورا عساها تكون في ارض الواقع مشيده

تايلاند يقول...

بارك الله فيك

تحية من القلب لزوار المدونة

تحيه لكل من وصل الى مدونتي
وتحية اكبر لمن قضى الجزء من وقته وهو يتصفحها
وتحية كبرى لمن شارك بتعليقات تفيدني وتمدني الحماس لأمضي قدما ، والا فان اي عمل لا يتلقى الدعم ولو بالكلمة البسيطه فانه لا يرقى بل يموت ويبلى .
اشكر من تفاعل وارسل لي ايميل خاص ، ليعطيني انطباعه ، وكنت أأمل ان تكون تعليقاته على المدونه مباشرة .
ولكني اشكركم احبتي لأن اي تعليق ، واي ملاحظة لها موضع احترام وترحيب في نفسي واشكر من ساعدني من البداية على انشاء هذه المدونه .
تحياتي لكم .