التوجيه المهني بين الواقع والحلم

في ظل التغيرات الحديثة يحتاج الفرد منا ليعيش في هذا العالم إلى المعلومة ،والمعلومة لم تعد فقط متوفرة وكثيرة ، بل وأصبحت من الأشكال والتنوع بحيث تحصل عليها أحيانا في أدق المجالات سواء ما كانت مجانية أو بثمن لابد أن تدفعه للحصول عليها .
ووسط المزيد والمزيد من المعلومات ينتقل الطالب الذي كان سابقا يحفظ معلومات محدده في كتاب إلى اللامحدوديه واللانهائية من المعلومات التي تحتاج أن تصب في عقله ، لا ليحفظها وإنما ليتفاعل معها وينتقي منها ، لذا أصبحت المسؤولية كبيره على الطالب خاصة حين يصل إلى فترة الخيارات الحرجة في الصفوف العاشر والحادي عشر والثاني عشر .
ونظام التعليم الذي تغير في المرحلة الثانوية شكلا من مسماه بالتعليم الثانوي والذي يتضمن 3 سنوات بعد الصف الثالث الإعدادي تحول إلى ما يسمى بالتعليم ما بعد الأساسي وأصبح سنتين بعد إتمام مرحلة التعليم الأساسي إلى الصف العاشر ، وهذا التغيير شمل المنهاج نفسه وما يتضمنه من طالب ومعلم ومبنى وغيرها ، وما يهمني هنا هوالطالب الذي تحول من طفلا كبيرا يختار له والديه ومعلميه مساره الدراسي وما يترتب عليه من اختيار مهني إلى فرد ناضج يتحمل مسؤولية كبيره في اختيار مساره التعليمي من عده مواد اختياريه تحدد فيما بعد مساره التعليمي إذا ما أراد أن يكمل دراسته أكاديميا .
فالطالب أصبح بحاجه للمعلومات التي تساعده على هذا الاختيار ليكون اختيارا ناضجا لا يندم عليه في مرحله قادمة ، وهذه المعلومة لا نستطيع أن نمده بها شفويا ، إذ أن الأجدى أن يمر ببعض الخبرات العملية التي يستطيع من خلالها أن يحقق أهدافا مهمة جدا في التعليم منها :
· إدراكه لأهمية العمل وقيمته.
· معرفته بذاته واستكشاف نفسه في مجال العمل .
· إعطاءه الفرصة ليحدد العمل الأنسب له .
· إكسابه مهارات مهمة تساعد على نضجه وتحمله للمسؤولية .
· اعتزازه بنفسه انه قادر على القيام بأعمال متنوعة.
لذا أتوقع أن إعداد الطالب ضمن الفصول من الأول إلى الرابع يكون بتعميق قيمة العمل بأنواعه المختلفة خاصة الحرفية منها لها اثر كبير في أن ينتقل بعدها الطالب للصفوف من الخامس إلى العاشر بأن يكون له مجال للتعرف على بعض نماذج من الأعمال بان يقوم بها ، ويمارسها ولو في صورة أنشطه بسيطة ، ولكن للقيام بذلك يتطلب مجتمع متفهم و يشارك مشاركة فاعلة في إتاحة الفرصة للطالب أن يعمل ، ويشجعه عليها سواء من خلال شكره وتعزيزه أو من خلال المردود المادي البسيط .
ويمكن أن يكون ذلك من خلال الاستفادة من مراكز التدريب المهني بحيث تتيح للطالب أن يتدرب على أعمال بسيطة تعزز مهاراته ويمكن أن يكون بعمل دورات صيفية في مركز التدريب المهني ، وحاضنات سند وجمعيات المرأة العمانية ،و مراكز الوفاء الاجتماعي أو مؤسسات المجتمع التطوعية أو المؤسسات التجارية أو الصناعية بحث يقترن ذلك بإعطاء الطالب شهادة مشاركه خلال فترة أسبوعين على الأقل كل عام ، هذه الشهادة يكون ضمن ملفه المهني الذي يجب أن يتحول من مجرد تجميع لشهاداته الدراسية إلى ملف حياه ومهارات تتحدث عن الطالب .
فتعلم الطالب من خلال الخبرة أجدى على تعميق قيمة العمل واكتسابه للمهارات وأهمية عمله ولو كان بسيطا في بناء الوطن.
ودور أخصائي التوجيه المهني يكون من خلال التأكد من أن الطالب في مكان يتيح له هذا التدرب ويتابع مدى التزام الطالب ويشجعه على أن يستثمره بشكل جيد .
وهذه الخبرات التي يمر بها الطالب تجعله أكثر نضجا في المرحلة اللاحقة والتي يحدد فيها الطالب مساره المهني من خلال تحديده لمساره التعليمي ، وهنا يأتي دور التوجيه المهني الذي يستطيع من خلال أنشطه الطالب وتنوعها خلال فتره الصفوف ( 5-10 ) ان يلاحظ مدى نضج الطالب في هذه المرحلة .
ولذا لن يقابل الطالب صعوبة في تحديد خياراته إذ إن تنوع الخبرات التي يكون قد مر بها تتيح له ان يقرر ما يناسبه وما لا يناسبه ويكون اقدر على معرفة نفسه وتحديد مجال اهتمامه المهني الذي يشبع ميوله ورغباته .وهذا مما يجعل أخصائي التوجيه المهني لا يقابل أعداد كبيرة من الطلاب غير قادرين على القيام بالخيار المهني المناسب .
وأتوقع انه خلال هذه المرحلة بإمكان أخصائي التوجيه المهني أن يشجع أيضا على الالتحاق بمراكز التدريب المهني إذا ما استشعر أن لدى الطالب ضعف أكاديمي ولكن مهارات جيده نحو التعليم المهني .
وعندما يصل الطالب إلى المرحلة ( ما بعد الأساسي ) خلال الصفين الحادي عشر والثاني عشر فان مساره التعليمي الأكاديمي أو مساره المهني يكونان أكثر وضوحا لأن الخبرات التي مر بها خلال فترات تعليمه من الصف الأول إلى الثاني عشر قد أتاحت له من الخبرات التي تمكنه من القرار السليم .
وهذا أجدى في تحقيق أهداف التوجيه المهني التي تتركز على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بدون إغفال ميول الطالب ورغباته وبما يتيح له إشباع حاجاته ، وهذا ينعكس على المجتمع الذي يكون أكثر وعيا ، وأكثر عطاء واقدر على أن يخلق جيلا قادرا على أن يقوم بتحمل مسؤولية التنمية الاقتصادية في الدولة .

ليست هناك تعليقات:

تحية من القلب لزوار المدونة

تحيه لكل من وصل الى مدونتي
وتحية اكبر لمن قضى الجزء من وقته وهو يتصفحها
وتحية كبرى لمن شارك بتعليقات تفيدني وتمدني الحماس لأمضي قدما ، والا فان اي عمل لا يتلقى الدعم ولو بالكلمة البسيطه فانه لا يرقى بل يموت ويبلى .
اشكر من تفاعل وارسل لي ايميل خاص ، ليعطيني انطباعه ، وكنت أأمل ان تكون تعليقاته على المدونه مباشرة .
ولكني اشكركم احبتي لأن اي تعليق ، واي ملاحظة لها موضع احترام وترحيب في نفسي واشكر من ساعدني من البداية على انشاء هذه المدونه .
تحياتي لكم .